Traduction d un texte sur heidegger en arabe
11555 mots
47 pages
فلسفة هيدجر فرانسواز داستور ترجمة: د.محمد سبيلا كان هيدجر -قبل عدة أيام من وفاته- قد اختار أن يضع كعنوان رمزي مميز لأعماله العبارة التالية: "مسارات - وليس مؤلفات". وكان يود بذلك أن يشير لقرائه في المستقبل إلى أن فكره لا يمكن أن يختزل إلى مجموعة قضايا وطروحات، وإلى أن هذا الفكر، في بعده المسائل والمتسائل، يظل محافظا على سمة كونه مسارات لا تقود إلى أي مكان آخر. ومع ذلك فإن بإمكاننا أن نميز في المسار الفكري الهيدجري الذي يمتد من الدراسة التي صدرت في 1914 إلى غاية ندوة زاهرينغن الجامعية سنة 1973، عدة علامات مميزة، وذلك لأنه لا يمكن أن يكون هناك طريق أو مسار إلا إذا كان الفكر يصر، عبر كل هذا المسار، على أن يتوجه -على الرغم من كل الانعطافات- نحو نفس المسألة ونفس السؤال. لقد أكد هيدجر دوما أن سؤال أو مسألة الكينونة ظل هو الانشغال الوحيد لفكره. لكنه تحدث كذلك، ابتداء من 1930، عن "الانعطاف" الذي شهده فكره، وعن اضطراره، وهو يعيد التفكير في المسألة الموجهة للفلسفة ويعيد تعميقها، إلى أن يضع نفسه خارج ما كان الغرب يسميه فلسفة. فهذا الانعطاف الذي قاده من التعمق في الميتافيزيقا التقليدية إلى مجاوزة الميتافيزيقا عامة، هو التحول الذي تم اتخاذه في هذه الدراسة كمحور مرجعي متميز.
1- مسألة الكينونة عندما يحـاول هيدجر أن يحـدد النقطة التي انطلق منها في مساره الفكري، فإنه يسرد دوما الجملة التي أوردها أرسطـو في كتـاب "الميتافيزيقا"، وهي بالإغريقيـة to on légétail pollakòs أي: "الكينونة تقال بكيفيات متعددة"، وهي الجملة التي وضعها فرانز برنتانو في مطلع دراسة له سنة 1862، تحت عنوان "في الدلالة الثلاثية المتعددة للكينونة لدى أرسطو". كان هذا الكتاب الذي تلقاه هيدجر سنة 1907 من طرف كونراد كروبر، هو أول قراءاته الفلسفية. وقد وجهته هذه القراءة نحو مسألة المعنى الموحَّد للكينونة، وهي المسألة التي يمكن أن تكون هي المصدر المشترك بين الدلالات الأربع للكينونة التي يميز بينها أرسطو: - الكينونة في ذاتها وبذاتها والكينونة بالعرض - الكينونة بالقوة والكينونة بالفعل - الكينونة من حيث هي حقيقة والكينونة حسب خطاطة المقولات لكن في حين أن برنتانو كان يرجع الدلالات الثلاث الأخرى للكينونة إلى الدلالة المقولية، فإن هيدجر، من حيث أنه كان يبحث عن حل للمشكلة التي طرحها برنتانو في