التحولات السياسية في مغرب العهد الجديد
شهد الفضاء السياسي المغربي منذ منتصف عقد التسعينات من القرن الماضي، تحولات سياسية عدة اختلفت التأويلات حولها، وحول مغزاها ودلالاتها. فمع النقاش السياسي الذي كان قائما حول إمكانية تشكيل حكومة التناوب وإشراك أحزاب المعارضة في السلطة، وبعد أن فشل هذا النقاش سنة 1994، مع رفض المؤسسة الملكية منح أحزاب المعارضة ما يسمى ب"وزارات السيادة"، تحقق التوافق لأول مرة في تاريخ المغرب السياسي على الدستور، حيث وافقت أحزاب المعارضة على دستور 1996، وكان هذا الحدث الانطلاقة الحقيقية لتشكيل حكومة التناوب. وإلى جانب ذلك، فقد شكل التوقيع على ميثاق الشرف بين الحكومة والنقابات سنة 1997 الأرضية المناسبة للتوافق على تشكيل حكومة التناوب، باعتبار أن الهدوء الذي عرفه العمل النقابي بعد ذلك ساهم في تلطيف الأجواء وتليين المواقف. وهكذا وتبعا لهذه الظروف شكلت حكومة التناوب بقيادة الأستاذ عبد الرحمن اليوسفي.
وقد شكل هذا الحدث مناسبة لنقاش سياسي وأكاديمي عميق حول دلالات ومعاني هذا التناوب، فكان بالنسبة للبعض البداية الحقيقية لتحقيق الانتقال الديمقراطي، فيما كان بالنسبة للآخرين مجرد وسيلة استعملتها المؤسسة الملكية لإدماج أحزاب المعارضة في السلطة. كما علق عليه المواطنون آمال عريضة لتحقيق ما يمكن تحقيقه. ومع بداية التجربة اتضح أنه لا شيء تغير في الممارسة السياسية، باعتبار أن الوزير الأول لا يملك على المستوى الدستوري ما يمكنه من تحقيق مشاريعه، إضافة إلى أن المؤسسة الملكية بقيت تمارس دورها المركزي في جل القضايا التي يعرفها الفضاء السياسي المغربي، ولم تترك أي هامش لمؤسسة الوزير الأول. وما زاد الطين بلة، أن النخبة السياسية لم تستطع الدفع في اتجاه تحقيق تحول ديمقراطي حقيقي، بل على العكس من ذلك دعمت موقع المؤسسة الملكية، وهمشت دور الحكومة وتجلى ذلك بشكل واضح في اللجوء المتكرر لهذه النخبة، للتحكيم الملكي في جل القضايا المحورية في السياسة العامة للدولة، كقضية مدونة الأسرة وميثاق التربية والتكوين، والتي تم وضعها من قبل لجن ملكية خاصة، بعد أن فشلت حكومة التناوب في إنجازها. وهيمنت سياسة التلجين على الممارسة السياسية في هذه الفترة مع تعيين العديد من الهيئات الاستشارية في عدة مجالات (ملف حقوق الإنسان، الأمازيغية، الشؤون الصحراوية....).
وفي ظل هذه الممارسة، ضعف العمل