Enseignement et developpement
حققت بعض البلدان طفرات في التنمية، رغم عدم توفرها على موارد طبيعية، ذلك أنها استثمرت فيما هو أهم، إنه العنصر البشري الذي يختزن داخله طاقة (متجددة) جبارة، والتي لا يمكن استغلالها في الاتجاه الايجابي إلا من خلال التربية والتعليم.
لقد أضحى من نافلة القول: أنه لا يمكن فصل التنمية عن التربية، إذ أن كلا منهما تؤثر في الأخرى وتتأثر بها؛ فالمدرسة باعتبارها مؤسسة للتربية، توفر الخامات البشرية، والكوادر المؤهلة لقيادة البلاد وإحداث التغيير والرفاهية المرغوبين في المجتمع، والنمو الاقتصادي يوفر الإمكانات المادية الضرورية لتعميم تعليم جيد، ونشر المعرفة العلمية لجميع المواطنين، والسير قدما في طريق البحث العلمي الخلاق.
ومن أجل هذه الرفاهية والحياة الكريمة، علينا النظر إلى المستقبل، ومعالجة القضايا المدرسية بنظرة مستقبلية، لا بنظرة الأمس الغابر، فالمدرسة مشروع مجتمعي متجدد، لكون المجتمع يستثمر فيها رأسماله المادي والمعنوي، ودورها يتمثل في صناعة وتأهيل الأجيال المؤهلة القادرة على حمل المشعل والسير بالوطن في مدارب التقدم والازدهار، فكل جيل سيسعى لتكوين الجيل الذي سيخلفه ويكمل مساره في التنمية والتطور. لذلك أصبح لزاما علينا إنشاء الجيل الذي يستطيع أن يبني، ويبتكر من أجل حسن استغلال المحيط والثروات الطبيعية المتاحة والحفاظ عليها، استغلالا يعود بالنفع على المجتمع برمته. هذا الجيل هو ذاك المتعلم الذي يجب _ابتداء_ أن يكون ذا عقل مبدع يستطيع تسيير حياته، والفعل في مجتمعه، وليس اتكاليا أو سلبيا ينتظر بفارغ الصبر فرصة الهجرة إلى الخارج، ليحقق أحلامه. فالمجتمعات التي تريد أن تتطور حقيقة، لا تكتفي بإعادة إنتاج نفس القيم السائدة؛ ولست أقصد -هنا- القيم الدينية والأخلاقية؛ بل تتجاوز ذلك إلى قيم التجدد والتحضر، من خلال امتلاك العلوم والتطلع الدائم إلى التقدم، وليس تكريس ثقافة الدونية والركود، القائمة على القناعة بما ينتجه غيرنا، والتبجح بأمجاد الماضي السحيق، لأن مجتمعا هذه قيمه سيتحول رويدا رويدا إلى مجتمع مستهلك لكل شيء حتى العادات والتقاليد، فيصبح بذلك بلا هوية ويكف عن التطور فيموت سريريا على الأقل.
علينا إذا، أن نسعى باستمرار إلى تكريس ثقافة الإبداع والابتكار والتجديد والتطوير، من خلال تشجيع متعلمينا منذ نعومة أظفارهم على العمل واتخاذ المبادرة وتحبيب العلم والبحث فيه