مراحل تطور الفكر التسويقي
يعتبر التسويق منذ أقدم العصور شكل من أشكال النشاط الاقتصادي، لكن التسويق كفرع من فروع العلوم والمعرفة ظهر منذ بداية الثورة الصناعية. يرى "روبرت كينغ" أن مفهوم التسويق قد تطور عبر تلات مراحل ، لكل مرحلة سماتها التي ميزتها عن بقية المراحل الأخرى، وفي كل مرحلة تغير مفهوم التسويق و ذلك بأخذ بعين الاعتبار ميول و رغبات المستهلكين ، وفيما يلي موجز لهذه المراحل :
التوجه الإنتاجي
حتى عام 1920 كانت المنظمات التي مرت بمرحلة الثورة الصناعية تعمل في ظل التوجه الفكري الإنتاجي، حيث كانت مشكلة الإنتاج هي الشغل الشاغل للإدارة و كانت إمكانية الإنتاج مازالت قاصرة عن إشباع حاجيات السوق، و وفقا لهذا التوجه تم التركيز على الإشباع الكمي للحاجات ، مما أدى إلى زيادة الإنتاج من السلع، بغض النظر عن مستوى الجودة أو التكلفة؛ لأن أي منتج كان يمكن بيعه؛ نظرًا للزيادة الفائقة في الطلب عن المعروض كما أن لم يكن هناك اهتمام يذكر بالأنشطة التسويقية بخصوص دراسة السوق، ومعرفة احتياجات ورغبات المستهلكين اعتمادا على فكرة أن العرض يخلق الطلب الخاص به، و من أشهر الأمثلة للتدليل على هذه الفلسفة الفكرية ما قاله هنري فورد صاحب شركة فورد للسيارات حول نموذج سيارته الشهيرة أنه يمكن للمستهلك أن يحصل على أي لون يرغب فيه طالما أن هذا اللون هو اللون الأسود. و يعود السبب في هذه العبارة التي قالها إلى حقيقة أساسية و هي أن الطلب على هذا النموذج في ذلك الوقت كان عاليا للغاية بحيث أن تجاهل المستهلك الذي كان يرغب في الحصول على لون آخر لم يكن مؤثرا على مبيعات الشركة، و كانت الوظيفة التسويقية الأساسية هو بيع ما تم إنتاجه دون دراسة سلوك المستهلك مع اعتقاد أن المستهلك سوف يقوم باستهلاك جميع المنتجات.
لكن مع مرور الزمن، بدأ المستهلك يتذمر من مستوى جودة المنتجات و ينحاز إلى المنتجات ذات الجودة العالية مما أدى بالمؤسسات إلى التركيز على جودة المنتجات و العمل على تحسينها و قد عبر ذلك بعدة شعارات منها أن المنتج الجيد يبيع نفسه.
استمر هذا المفهوم إلى غاية أزمة 1929 التي أدت إلى تخوف المستهلكين من حدوث مشكلات مما جعلهم يخفضون استهلاكهم ،الأمر الذي أدى إلى تراكم السلع و أصبح الطلب أقل من العرض و مشكلة تصريف المنتجات هي العائق الأساسي أمام المؤسسة و هدا ما سنراه في المرحلة الموالية مع الزميلة