Autrui
يُجْمِلُ جميل صليبا في معجمه معاني (الأنا) في الفلسفة الحديثة بقوله: ”إنّ الأنا المدرِك لا يفارق أحواله إلاّ إذا جرّد تجريداً عقليًّا. ومن الخطأ القول: إنّ للأنا المجرّد عن أحواله وجوداً، بل الموجود إنّما هو جملة من الأحوال النّفسيّة، تقوم وحدتها، من حيث هي جملة، على تداخل أحوالها، وتقوم هويّتها على بقاء ماضيها في حاضرها. ولا يشترط في الأنا المدرِك أن تكون وحدته كوحدة الجوهر الجسمانيّ، ولا أن تكون هويّته كهويّته، بل الوحدة والهويّة، اللّتان نصفه بهما، لا يمنعان الكثرةَ والتّغيّرَ، ونحن لا نتصوّر مدرِكاً لا يُدْرِك، ونفساً لا تتغيّر.“ [صليبا I. 141]
I. تعريفات عامّة
1. لغة: أَنَا ضمير رفعٍ منفصلٌ للمُتَكَلِّم مُذكَّرًا ومُؤنَّثًا، مُثنَّاهُ وجَمعُهُ نَحنُ.
2. المعنى النّفسيّ والأخلاقيّ
( «الأنا النّفسيّ» هو الشّعور التّلقائيّ للشّخص بفرديّته التّجريبيّة، أي الأنا المحسوس والمعيش، الحقيقة الواقعيّة الوجوديّة المتغيّرة والمركّبة من حالاته وأعماله.
( الشّعور الفرديّ، من حيث اهتمامُه بمصالحه وانحيازه لذاته. وبالتّالي نزعةٌ إلى ربط كلّ شيء بالذّات.
3. المعنى الميتافيزيقيّ
( «الأنا الجوهريّ» بصفته نفساً متميّزة من الشّعور التّجريبيّ. أنا ”جوهرٌ كلُّ ماهيَّتِه أو طبيعته لا تقوم إلاّ على الفكر، ولا يحتاج في وجوده إلى أيّ مكان، ولا يتعلّق بأيّ شيء مادّيّ، بمعنى أنّ الأنا أي النّفس التي أنا بها ما أنا، متميّزةٌ تمامَ التّميّز عن الجسم“[1].
3. المعنى الأنطولوجيّ
( «الأنا الأنطولوجيّ»: مبدأ ميتافيزيقيّ يحقّق وَحْدَةَ الشّخص فيما وراء تنوّع أفكاره وإحساساته وأعماله، أي الحقيقة الثّابتة الدّائمة باعتبارها جوهراً حاملاً الأعراضَ المتزامنةَ أو المتعاقبةَ المتبدّلةَ التي تكوّن الأنا التّجريبيّ (le moi empirique) وتؤثّر فيه.
4. المعنى المنطقيّ والنّقديّ
( «الأنا المتعالي» (moi transcendantal): الذّات المفكّرة من حيث إنّ وحدتها وهويّتها شرطان ضروريّان لتوحيد المختلف الذي في الحدْس، وربطِ التّصوّرات التي في الذّهن. وبتعبير آخر الأنا المتعالي (أو الذّات المتعالية) هو الوظيفة التي توحّد تحت «أنا أفكّر» حدوسَ الأنا التّجريبيّ، والتي يجعل منها علم النّفس بضرب من المغالطة الطّبيعيّة (paralogisme